عن الهجرة إلي امريكا







"غير قانوني .. تأملات مهاجر غير شرعى" .. كتاب لمؤلفه هوزيه أنجيل.. يحكى فيه عن رحلته الغير شرعية من المكسيك إلى امريكا في التسعينات من القرن الماضي وهو في العشرين من عمره هاربا من بلاد فقيرة الى جارة غنية يستطيع فيها تحقيق كل ما يصبو اليه .  يحكى هوزيه عن مصاعب ومتاعب رحلة محفوفة بالمخاطر والمعاناة والتعب وهى احد رحلات دورية يقوم بها سماسرة مختصون في تهريب الراغبين الى الجانب الامريكى. الا أنه رغم ذلك وبعد ان نجح في عبور الحدود بيوم واحد تم القاء القبض عليه وترحيله لكنه عاود التسلل مرة اخرى الى امريكا ونجح في ذلك.
هوزيه الذي لم يكمل تعليمه ولم يبلغ فيه غير مستوى الصف التاسع .. ولا يحمل معه اوراق ثبوتية في الارض الجديدة، ولا مسكنا حتى .. اراد ان يبنى حياته في ارض الاحلام .. وجاء الى مدينة شيكاغو لوجود احد اقربائه فيها .. ولاحظ ان قريبه يأخذ ابنته الصغيرة ذات السنوات الاربع معه كمترجمة لانه لا يتحدث الانجليزية .. فقرر عندئذ ان يكون مختلفا عن قومه .. وبدأ العمل كعامل لغسيل الاطباق في أحد المطاعم الللاتينية وقرر ان يتعلم الانجليزية  ويكمل تعليمه .. وكان ذلك .. اذ نجح في تحصيل شهادة تعادل الثانوية العامة وبعد ذلك واصل تعليمه حتى التحق بالجامعة ودرس الفلسفة وبعدها قدم للدراسات العليا ونال درجة الماجستير في الادب اللاتينى .. متحملا قسوة ظروفه وخوفه الدائم من ان يخونه الحظ وييقع في يد الشرطة فتنهار احلامه ويرحل الى بلاده.
نجح الكاتب في ان يتقن اللغة الانجليزية وينال شهادته الجامعية وما فوق الجامعية من احدى اهم الجامعات الامريكية  ثم ليعمل بعد ذلك كمترجم محترف في احدى الشركات الكبيرة باوراق مزورة  و يرتبط بفتاة امريكية تحبه  ويحبها ثم ليمتلك شقة سكنية فاخرة في وسط مدينة  شيكاغو. رغم هذه النجاحات  يكتب عن لحظات موجعة في رحلته عن كيف انه لا يستطيع ان يستمتع بعطلته السنوية كرفقائه في العمل والذين يسافرون الى اماكن لا يستطيعها هو حتى لا يكشف امره امامهم في عدم امتلاكه لاوراق ثبوتية قانونية .. وكيف أنه لا يستطيع الذهاب للتصويت في الانتخابات وحينما يسألونه يضطر للكذب، ومن ثم  يلجأ الى تقديم استقالته من عمله الذى يحبه والذى نجح فيه بصورة كبيرة حتى لا يكشف امره كمهاجر غير شرعي فيتعرض للاقصاء من بلاد احبها وحقق فيها احلامه ويؤمن في احقيته بان يكون جزءا مرئيا من مجتمعها وليس ظلا قابعا تحت رحمة وثائق احيت احلامه او قتلتها الى الابد.
هذا الكتاب يمنح من يقرأه طاقة ايجابية لا حد لها في كيف ان المرء يستطيع ان يحقق احلامه بكثير من العمل وكثير من الاصرار ان كان يملك العزيمة والرغبة في النجاح وتغيير حياته تحت اى ظروف كانت .  فذلك الشاب الذي زحف لايام وليال على الصخور والتلال ومواسير الصرف الصحى وتحمل رائحتها العطنة و الوقوف لساعات يغسل الاطباق وتحمل متألما نظرة الاخرين الرافضة للمتسللين الى بلادهم وتعليقاتهم اللاذعة والخوف من ان يكشف أمره كمهاجردون أوراق ثبوتية ويرحل الى بلاده حيث الواقع المرير .. قد نجح في ان يحقق الحلم الامريكى الذي اراده لكنه لا زال في الظل .. لا زال مهاجر غير شرعى ينتظر وعود السياسيين ان تتحقق ويبت في امره وامر من هم على نفس قضيته.. وكتابه هذا الان يدرس في بعض الجامعات والكليات الامريكية كما يستضاف ككاتب في المكتبات العامة متحدثا عن تجربته .. هذا الكتاب كشف النقاب عما لا يعرفه الاخرون عن فئة المهاجرين الغير شرعيين من أصل لاتينى هنا في أمريكا  ولربما يلفت عما قريب نظر القائمين علي أمور و قوانين الهجرة الامريكية ويغير منها ..ربما. 

Comments

Popular posts from this blog

مقارنات بين القصة القصيرة والرواية

الواقعية السحرية كمصطلح أدبي

الرفيق قبل الطريق