للأدب حدود جديدة





كان الاسبوع الماضي مزدحما بحدثين أدبيين عربيا وعالميا .. فاعلان جائزة كتارا للرواية العربية كان حدثا مميزا كما جائزة نوبل والتى منحت جائزتها في الادب للمغنى الامريكى  بوب ديلان مما اثار موجة جدل كبيرة حول أحقيته من عدمها في نيل هذه الجائزة الرفيعة والاولى عالميا في دنيا الجوائز الادبية. ففي السنوات السابقة كُتّاب وناشرون كانوا قد ابدوا تذمرهم من أن الجائزة تذهب غالبا الي مؤلفين مغمورين لهم رسالة سياسية واضحة ، لكن أن يتم إختيار شخص هو معروف بالفعل ولا تمت أعماله لتقاليد الادب المتعارف عليها فذلك يوضح أن الاكاديمية قد تأرجحت بعيدا في اتجاه آخر بقرارها منح الجائزة لشخصية عامة هو فنان يملك الكثير من الشهرة وله مكانة محفوظة في مجاله وعند معجبيه.
عن صحيفتا الجارديان البريطانية ونيويورك تايمز الامريكية يأتى مقالي هذا عن بوب ديلان  والذي يسمى في الحقيقة روبرت ألن زيمرمان  والذي ولد في دولوث بولاية مينسوتا في العام 1941 واتخذ لنفسه اسم ديلان تيمنا بالشاعر ديلان توماس. بوب ديلان عشق الموسيقي من صغره وأسس فرقة لموسيقي الروك اند رول وهو لا زال طالبا في الثانوية العامة. إنتقل ديلان الى نيويورك في عام 1961 وبدأ يقدم موسيقاه الشعبية في أندية ومقاهي بلدة غرينتش ثم بعدها اصدر اول البوم يحمل إسمه " بوب ديلان" وتبعه بمجموعة من الالبومات الناجحة والتى تعتبر مميزة للغاية في مسيرته الفنية.
صنف ديلان كأحد الشخصيات الاكثر تأثيرا في الثقافة الشعبية المعاصرة على الرغم من الخلاف الملحوظ حول موسيقاه حتى أنه يقول عن ما يلاقيه من كثرة الانتقاد: " منذ أول يوم والنقاد يعطوننى أوقاتا عصيبة."
ويبدو أن الانتقاد سيلازم بوب ديلان في كل مراحل حياته, فرغم كثرة الآراء حول نيله لجائزة نوبل في الادب إلا أن لا أحد يعرف حتى الآن ردة فعله هو شخصيا حول فوزه بالجائزة، فهو معروف بأنه لا يهتم بالشهرة واضوائها ونادرا جدا ما يجرى مقابلات صحفية بوجه عام.
يعتبر ديلان الحاصل على جائزة نوبل لهذا العام 2016  كأول موسيقي شعبي يحصل على مثل هذه الجائزة ويعتبر إختياره لنيلها  عمل متطرف على مر تاريخ نوبل والذي يعود الى العام 1901 في إختيارموسيقي مشهور لنيل لنيل جائزة أدبية هي الاعلى والارفع مستوى عالميا . و نجد أن الاكايديمية السويدية المانحة للجائزة بهذه الخطوة قد أعادت رسم حدود الادب مما أثار نقاشا حول ما إذا كانت كلمات الاغانى لها نفس القيمة الفنية التى للشعر والروايات.  وبحسب موقع الجائزة الالكترونى فأن ديلان منح نوبل للادب لأنه ابتكر وأدخل  تعبيرات شعرية جديدة على الاغنية الامريكية التقليدية.  واوردت جريدة يو اس توداي عن سارة دينيس السكرتيرة الدائمة للأكاديمية السويدية قولها عن بوب ديلان أنه يكتب الشعر المسموع وانه من الجيد جدا أن تقرأ اعماله كأشعار.
اختلفت وجهات النظر حول منح ديلان جائزة نوبل للادب فهناك من هنأه وهناك من سخر منه وهاجم قرار منحه الفوز بها. نجد أن ستيفن كنج وجويس كارول أوتس وآخرين قاموا بمباركة الامر وتهنئة السيد ديلان في حين اعترض البعض منتقدين قرار الاكاديمية بمنح الجائزة لديلان ومتساءلين عما إذا كانت كتابة كلمات الأغانى مهما كانت روعتها يمكن أن ترتقي الي مستوى الادب الرفيع. ومن هؤلاء كان الاديب ربيع علم الدين والذي كتب عبرتويتر واصفا فوز ديلان بانه أمر سخيف ومشبها إياه بفوز ونستون تشرشل والذي سبق وفاز بجائزة نوبل في عام 1953 لبراعته في الخطابة السياسية.
ورغم الخلاف حول أحقية ديلان بجائزة نوبل وحول كلمات أغانيه وهل هى شعرا رفيعا ام تظل مجرد كلمات أغانى رغم روعتها، نجد ان إكسفورد ضمت كلمات أغنيته " صف الخراب" لكتابها عن الشعر الامريكى في طبعته لعام 2006 وايضا هناك مطبعة كامبريدج التى أصدرت " رفيق كامبريدج لبوب ديلان" في عام 2009. بالاضافة الى ان كثيرون من معجبيه يقتبسون عنه كما لو انه شكسبير مما يعزز سمعته ومكانته كمصمم لاعمال ابداعية رائعة.
 وأخيرا بمنحها جائزة الادب لديلان  نجد أن الاكاديمية السويدية محتمل أن تدرك أن الفجوة بين الادب الرفيع واكثر الاشكال الابداعية التجارية قد أُغلقت. 

Comments

Popular posts from this blog

مقارنات بين القصة القصيرة والرواية

الواقعية السحرية كمصطلح أدبي

الرفيق قبل الطريق